تجليات الثقافة الشعبية في أدب الملحون قصيدة الحراز للشيخ الجيلالي امثيرد نموذجا. (الجزء2) - الدكتور عبد الله المعاوي
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
المساهمات : 49 تاريخ التسجيل : 21/01/2023
موضوع: تجليات الثقافة الشعبية في أدب الملحون قصيدة الحراز للشيخ الجيلالي امثيرد نموذجا. (الجزء2) - الدكتور عبد الله المعاوي الأربعاء يناير 25, 2023 6:03 pm
تجليات الثقافة الشعبية في أدب الملحون قصيدة الحراز للشيخ الجيلالي امثيرد نموذجا. (الجزء2) بقلم: الدكتور عبد الله المعاوي
التجليات:
الثقافة الشعبية هي الحياة، والحياة تـُقدّم في عمل فني في شكل عصارة تجربة تنتقل من جيل إلى جيل يوظف عبرها الفنان معاناته ويوظف أفراحه وأحزانه، إنها نتائج شعب بأكمله، من هذا المنطلق سنحاول تقصي هذه المكونات في انتقال بشكل تسلسلي بين أجزاء القصيدة التي يصل عددها إلى إحدى عشر قسما زائد المقدمة والتي يمكن تقديمها كما يلي : اللازمة أو المقدمة هو عبارة عن تقديم لشخصية الحراز وتقديم مُرَكـَّز لموضوع القصيدة المتشكل في صراع قائم بين شخصيتين : الشاب الراوي العاشق والحراز المالك الشرعي للمرأة المتصارع عليها، لكن هذا الاستيلاء جاء نتيجة الإمكانيات المادية أولا ونتيجة الزواج ثانيا، والحراز في الثقافة الشعبية المغربية هو الحارس الشديد الحرص على ما يملك سواء كان المملوك عقارا أو مالا أو شخصا كما هو الشأن في قصيدة الشيخ الجيلالي امثيرد، ومن نفس المجال استعمل ( الحرز ) لمنع أثر العين أو المس أو السحر بل وحتى المرض. لرسام : لفظة مشتقة من الأدب العربي الفصيح الذي أطلقه على وشم المنازل، وفي المصطلح الشعبي يطلق على المسكن دارا كان أو قصرا. النصراني: عامل معادل للمومن في الثقافة الشعبية، يطلق ويقصد به الكافر رغم انتمائه لدين من الأديان السماوية، وهو في العرف الثقافي الشعبي بالمغرب الشخص الذي يتميز عادة بالقساوة والمكر. الراعي: هنا بمفهوم الحراسة المشددة. القسم الأول: بداية الصراع وبداية قصة القط والفأر بين العاشق والحراز المتسلط وذلك بتقمص العاشق لشخصية التاجر. التاجر : في المفهوم الشعبي هو تاجر السلع الغالية وفي مقدمتها الأثواب غالية السوم كالأثواب الحريرية. يكرهني من قلب اجوارحداتو: للإشارة فإن القصيدة مملوءة بالصور البلاغية الرائعة وفي مقدمتها عنصر الكناية التي يصور بها المبدع قمة الرمز الذي يرمز إليه وهو عبارة عن إطلاق صورة أو وصف أو حالة ليرمي إلى حالة مشابهة بدون وجود أداة التشبيه ويعتمد فيه على ذكاء وثقافة المتلقي لإدراكها . بمعنى أن العملية تكون في مثل هذه الحالات متشاركة وهو ما أطلق عليه في عرف الأدب العالم جمالية أفق الانتظار كالصورة الواردة في هذا القسم التي يعبر بها المبدع عن شدة كراهية الحراز للشاب الذي يحاول الوصول إلى محبوبته والتي هي زوجة الحراز . فجوارح الذات:هي العناصر الداخلية التي تكمن فيها الأحاسيس والمشاعر وهي الموجودة في الصدر والتي غالبا ما تحددها الثقافة الشعبية في القلب والكبد والرئة . والقلب المقصود به هنا هو العمق وليس القلب العضو كما يعتقد من ظاهر الكلمة فهو تعبير عن الحقد الكامن والصادر من عمق الإنسان الذي هو الحراز. يتكحل بمحاور العمى: المحور المِرْوَد) كناية عن البغض والكراهية، وهذه صورة أخرى من صور المجاز المنتشرة في هذه القصيدة بغزارة. يصقل جبهتو : يعقدها تبرما وكرها . سلالة الكفار:اليهود والنصارى المعادون للمسلمين والإسلام في العرف الشعبي. دادا أهيا أمي : مصطلحات لفظية تعوض الإيقاع، وهي تدخل في الثقافة الموسيقية الشعبية كالدندنة واليالالةوالماليمال والرادة حياني ..وغيرها من الإيقاعات الموسيقية اللفظية التي يفرضها الميزان في الموسيقى الشعبية المغربية وخاصة في شكلي الآلة الأندلسية وفن الملحون. القسم الثاني: مجيئ الحراز في شخصية التاجر الخواجة : هو الرجل الغني صاحب الأملاك والأموال الطائلة. شغل البطارقة :البطريق درجة من درجات رجال الكنيسة التي يتميز لباسهم بالتطريز بخيوط الذهب والفضة وهما كناية عن قيمة نوع اللباس الذي يتاجر فيه هذا التاجر الغني. ريدت انشوف اصفايح رجليك: كناية عن الأمر بالانصراف والرغبة في عدم البقاء أمام أعين المتكلم، وفي نفس الوقت هو تشبيه ضمني بالحيوان الذي عادة ما تركب الصفائح في أسفل قوائمه، حيث يطلق انتقاصا من قيمة المخاطب. المناصف: هي الحيل الموصلة للغرض تسمى المناصف وتسمى الحيل وتسمى القوالب في الإطلاق الشعبي المغربي. وليت بالدموع تنهمر :عملية اقتباس أو إظهار للمقدرة اللغوية التي تمزج بين العربية الفصحى والدارجة المغربية حيث يقال انهمر الدمع من العين بمعنى سال بكثافة. اللي زاد محنة وكدار : وبنفس العملية يدخل في هذ القسم لفظة الكدر وهو كثرة الهم والقلق. القسم الثالث يتقمص فيه البطل شخصية معلم القرءان. الطالب : هومعلم القرآن للصبيانداخل الكتاب أو داخل حجرة أو ركن من أركان المسجد،كما يطلق عليه اسم الفقيه، وقد استعير لفظ الطالب من قولهم طالب علم، لأن أغلب معلمي القرآن في البوادي يكونون في بداية أمرهم طلاب علم في المدارس القرآنية، أو من المتلقين لتدريس العلوم الدينية عن أساتذة أو فقهاء في مدن أو قرى بعيدة عن مسقط رأسهم، لذلك إذا بلغ درجة لا بأس بها من العلم فإنه يصبح مدرسا للصبيان، فيجمع بين التدريس والزيادة في الحصول على الإجازات والزيادة في تعلمه عن كبار الفقهاء والعلماء، فيحمل بهذا اسم طالب أو مشارطي، أي يؤدي وظيفته داخل قرية من القرى بشرط مئونته اليومية وحصوله على مقدار من خمس المحصول السنوي لأهل القرية التي يدرس فيها القرآن لأطفالهم. كما يطلق عليه المسافري لكثرة تنقله بين المداشر والقرى. وأنا ابغيتك ترتبني ترتبني) تعطيني مقابل قيامي بمهمة التعليم، الرتبة هنا هي الوظيفة التقليدية. الخلوي : هو المحب للاختلاء بنفسه وضده اجتماعي. الغاشي :الزائر الغريب، وهو الشيء الذي تراه العين من بعيد وخاصة في الليل، كما يطلق على الشخص الذي يطرق الديار ليلا، فيظهر خياله لصاحب السكن على مسافة بعيدة. الفتية :ما يفتي به المفتي في مسائل الحياة الدينية ورأي الفقيه في المسائل الدنيوية. سور الهند : سور صلب ممتنع عن الراغب في الاختراق . وفي الاطلاق الشعبي بالمغرب يطلق المهند على الحديد الصلب، ومنه استعير هذا الاطلاق حتى اصبح كل شيء شديد الصلابة ينسب الى الهند التي أصبحت وصفا في الاطلاق. القسم الرابع يتقمص فيه البطل شخصية ولي الله. ولي الله : في العرف المغربي هو الرجل التقي الطيب الذي بلغ درجة مهمة في درجات الصوفية، وأصبح ملاذا لأخذ البركة والرضا، بل وفي بعض الأحيان ملجئا لمعالجة الأمراض المستعصية، كما أن هذه البركة تبقى سارية حتى في حالة موته ودفنه فيصبح قبره مزارا لتلمسها . توكت الغرار : غالبا ما يطلق لفظ توك على وسط الشيء بل قلبه، وهو دلالة على إعطاء الأهمية القصوى ،أهمية لا يعادلها إلا أهمية القلب بين الجوارح، وهي من المصطلحات المرسلة في هذا النسق توكت القلب : ربيع القلب. القسم الخامس يتقمص فيه البطل شخصية المخزني عون السلطة الحاكمة. بار عزمي وحيالي : البوار هنا بمعنى الفشل فالراوي الشاب المواجه للحراز يقر بإشرافه على الفشل الذريع في كل الحيل التي حبكها من أجل الوصول إلى رؤية محبوبته. المخزني المشمور: يطلق المخزني عادة على خادم القصر والذي يتميز بلباسه الخاص:قميص داخلي، وبدعية طويلة، وفوقانية،والمشمورهو الحازم المتمنطق بحزام خاص كذلك يشبه المضمة النسائية التقليدية، أي الحزام المطرز، والقلنسوة الحمراء، وهو كناية عن السلطة وتمثيل الحكم سواء في المدينة أو القرية. اضنايت الفايز بوعرقوب : قبيلة من القبائل العربية المشهورة بالشجاعة والقوة والتي تمثلها بلعبة التبوريدة الفروسية المعروفة بامتلاك الجياد العربية الأصيلة، والأسلحة النارية التقليدية التي تستعمل مادة البارود، وهي التي أسماها الشاعر الراوي ب(المكحلة ) ويشرحها بلفظة البندقية. خنجري مقفول : الخنجر المغربي مصنوع من الحديد الهندي المصقول، وقبضته من العظم الغالي الثمن، وغشاؤه من الفضة المنقوشة بأجمل النقوش، وحمالته غالبا ما تكون مبرمة بالحرير الأسود، كما أنه غالبا ما يحمل على الكتف للزينة والتعبير عن الغنى .. المضمة : هي الحزام الذي يوضع على الخصر ويتمنطق به، ويجمع الأثواب التي تحدثنا عنها سابقا. هيبة سيدي :الهيبة هي تعبر عن الخوف المشمول بالتقدير، فهو الاعتبار الخاص بشخص الملك الذي يمثل أعلى سلطة في البلد، والتي يجب الاعتراف بها بدون مناقشة أو مزايدة. خيالي : هنا يقصد بها صفتي الجسمية التي أتقمصها حاليا، وهي شخصية المخزني الذي يمثل رجل الحكم بالبلاد. الفضا : الساحة البعيدة شيئا ما عن الديار، وتسمى في القاموس اللغوي المغربي ب الفضا،والساحة،والرك،والكارة،والقاعة . ما دات ما جابت:تعبير دارجي مغربي يعنى به عدم القيمة، وأن الشيء المتحدث عنه لا يساوي شيئا كبيرا، لم تأخذ شيئا يذكر، أو تأتي بشيء يذكر. المنى :هو الزاد الذي يتزود به المسافر. السخرة :هو أجر المهمة التي يقوم بها الشخص بين اثنين، سواء كانت مهمة مادية أي مقابل إيصال شيء معين، أو معنوية كإيصال رسالة شفوية . هدية سيدي :هي الهدية المقدمة للسلطان. كميت : كتمت وأخفيت نيران كثيرة ومتعددة. اجبرت الحق اعدولي في راسي : عدلا أقول أن الحق مع خصمي فيما قاله وليس معي . مسارب الهوى : يقال مسارب وسرارب، مفردها سرابة، وهي القطعة المرسلة التي أحدثت في مقدمة قصائد الملحون، والتي اشتقت من سرب الطير أو سرب الخيل، نظرا لتتابع أبياتها وخفة إيقاع موازينها وتوالي ضرباتها. القسم السادس يتقمص فيه البطل شخصية السائل. الساعي : هو المحتاج السائل، يقال في القول المغربي السائر : الساعي كلنا نسعاو باب الله الفلس : عملة مغربية قديمة كالصولدي والحسني والريال وغيرهم. ساخف العضة : كناية عن الفقر المذقع، شبه الفقير المحتاج الذي من كثرة جوعه وقلة مضغه أصبح ضعيف تحريك فكيه، إلى درجة أنه لا يقوى على المضغ والعض على الخبز إذا قدم له. لا تنهر السائل :اقتباس من القرآن الكريم في قوله تعالي وأما السائل فلا تنهر. عام عتقني هذا؟ : كناية عنعام المجاعة المهددة لأرواح الناس التي تستنجد من الموت جوعا. البخيل سمعنا للنار : إشارة إلى قوله تعالى الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم موصدة في عمد ممددة. الموقف : في المصطلح الشعبي المغربي هو مكان في المدينة، وغالبا ما يكون في ساحة واسعة وسط الحومة، أو عند إحدى أبواب المدينة، يقف فيه العمال المنتمون لمختلف الصناعات من أجل اللقاء مع الراغبين في إنجاز ورشة للعمل كالبناء والصباغة والترصيص والترصيف وغيرها من الحاجيات المجتمعية اليومية . ما فتك غير بالصبر : ترسل هذه العبارة من قائلها عندما يسأل إعطاء صدقة فيجيبه المسؤول قائلا : إن وضعيتي الاقتصادية تتساوى مع وضعيتك كلانا في حاجة للمال لكن ميزتي هي الصبر والرضى بحكم الله وبالصبر تعففت عن المسألة . القوت تكسروماعنو : كناية عن عدم وجود أي شيء يؤكل فأحرى أن يتصدق به . طاح الدلو في البير : كناية عن عدم وجود الماء بالدار لأن الدلو الذي كان يستسقى به سقط بالبئر. وقد كان البئر بأغلب الدور المغربية بالحاضرة هي أهم مصادر مياه الشرب عند الأسر. القسم السابع يتقمص فيه البطل شخصية المنجم . الخطاط : قارئ الحظ بعلم التنجيم والمتنبئ بالمستقبل بواسطة الخط، والخط كما يكون في الورق يكون كذلك في الرمل، والعلم في هذا المجال كما هو معروف له علاقة بالميتولوجية المغربية التي يركبها المنجمون والسحرة الكبار، فهومن العلوم التي يتباهى المنجمون بمعرفتها ويبهرون بها العامة: الخط الزناتي:وهوشكل من أشكال الكتابة المبهمةالتي يدعي معرفتها الخطاطون المنجمون.. البروج:وهي قراءة الحظ ومعرفة مستقبل اللاجئ لقارئه اعتمادا على أبراج الولادة المعروفة في هذا المجال . الشكال : تطلق على الأشكال الهندسية التي تكون مجالا لقراءة الحظ، ومجالا للسحر كذلك، كما يطلق عليها مصطلح الجدول والجداول. وفي هذا السياق سيبدع الشيخ الصديق الصويري حرازه الذي أطلق عليه اسم الجدول والذي يقول في حربة قصيدته: لله يا رسولي سال الدامي واش ما عند الخاطر باس. الفال : الطالع. البهوت : الادعاءات الكاذبة. ننشوا بين الما وصهد النار : كناية عن كثرة الهم والقلق والحيرة التي تعتريه وهو يعيش بين اليأس والرجاء في لقاء محبوبته. القسم الثامن يتقمص فيه الشاب شخصية العبد المطيع الفداوي:العبد الخادم المطيع الكناوي:نسبة لصنف من العبيد القادمين أو المستوردين من إفريقية السوداء والذين في العهود السابقة تم بيعهم وتشغيلهم لدي سادة القصور والدور الكبيرة كخدم، وهم الذين أوردوا معهم أشكالا من ثقافتهم المحلية في اللباس والغناء، ثم ظهروا وأبهروا في مجال الرقص والغناء بشكل أكثر. فسمي فنهم بفن الكناوينسبة لمسقط الرأس غانا وغينيا المعروفة سابقا بأرض السودان، والمتميز أهلها بسواد البشرة. امشرط الحناك:خطوط رسمت غالبا بالنار على الوجه لتعريف العبيد، وأصبحت هذه الجملة تطلق على الطاعة والامتثال وخدمة الآخر. فلاسفي : نسبة لعلم الفلسفة، لكن النسبة هنا فقط لإعطاء أهمية النبوغ للشخص، ذلك أن الفلاسفي عند الشعبيين هو الشخص الذييعرف ويفهم في كثير من مجالات الحياة ، وينفذ ويؤدي جميع الخدمات، ويكون بارعا في تنفيذ رغبات الأسياد، كما أنه يفهم القصد من الأوامر التي تعطى له من طرف الغير، بالنظر لإشارات العين فقط، فيقوم مسرعا بالتنفيد. ولد البيضة : من أجمل التعابير السائرة في المجتمع المغربي الذي يرفض العنصرية على أساس اللون، فيستعمل اللون الأبيض عوض الأسود في مناداته للعبد، وفي نفس السياق ينادي الأعمى بالبصير خوفا من الوقوع في خدش كرامة الإنسان التي خص بها الله عباده. الكحال : كناية عن وجود العبيد بالدار. العبد المكسوب :هو الذي يهب نفسه لسيده. بري ياودياسوايح رسامي : كناية عن الأمر بالابتعاد عن الساحات القريبة من الدار فأحرى السماح له بدخول الدار، وذلك لمجموعة من المسلمات التي آمن بها كوصايا موروثة عن أبيه من أهمها : - الامتناع عن التعامل مع الأسود وذلك ككناية عن امتلاك العبيد . - الامتناع عن معاشرة أهل صايصاي وهم العبيد السود طبعا . صايصاي : وهي كسوة العبيد الرسمية القصيرة التي لا يتجاوز ثوبها الركبة وإذا طالت لا تصل الى الكعبتين. ومن كثرة كره الحراز للعبيد أنه تمنى أن يمحو كحل عينيه بل ويعوض الكتابة بالحليب الأبيض عوض المداد الأسود لو كان ذلك بالإمكان. وتأكيدا لكل ما سبق ذكره، يورد وصية الولي الصالح سيدي بوعمرو المدفون في حومة رياض العروس بمراكش، والتي جاء فيها : أن الدار المباركة هي الخالية من العبيد، وكنى عنهم بالأسماء الغالبة التي تطلق على العبيد، سواء كانت ذكورا أو إناثا وهي ابريك وبركة وامباركوامباركة. القسم التاسع مشهد بداية الانفراج الذي تتعرف فيه البطلة على محاولات حبيبها. في هذا المشهد تكتشف المحبوبة الأحداث التي تقع لزوجها الحراز انطلاقا من حالته غير العادية التي يدخل بها الى البيت، وعندما تضع السؤال عن أسباب الهموم التي يدخل وهي بادية علي وجهه، يخبرها بمعاناته مع الأشخاص الذين يتقمصون شخصيات متنوعة من أجل الوصول الى منزله، فيتبادر إلى ذهنها شخصية حبيبها الذي فارقته بسبب تسلط الحراز، مما يشجعها على الدخول في اللعبة حتى تساهم بدورها في إنجاح محاولات الحبيب، فتجد دورها في التظاهر بالمرض المفرط، موهمة الحراز بإشرافها على الموت،معضدة وضعيتها المزرية بعدم القدرة على الأكل والشرب، وهذا ما خلق رعبا كبيرا في نفس الحراز، مما جعله يبحث عن حكيم (طبيب)بأي ثمن حتى ينقد حياة قرة عينيه. ميرا لعضا : أمير الأعضاء الجسمية وهو القلب. نهوم : أهيم في الخلاء والقفار. القسم العاشر مشهد نجاح الحبيبة في حبك خيوط اللعبة المتصاعدة نحو إسقاط الحراز المتسلط، وفيه يتقمص البطل شخصية الطبيب الحكيم . حكيم الدهر :الطبيب، وقد كان الطبيب سابقا ملما بمجموعة من العلوم الإنسانية كالفلسفة والحكمة والفقه والرياضيات والعلوم الكيميائية والفيزيائية، مما جعل مكانته عالية في مجتمعه الذي يقدره ويعتبره أيما اعتبار . ضحكة اللي غادي به الواد : كناية على السقوط في اللعبة المحبوكة ضد المخاطب، والتي اقتبسها القائل من الهالك المجرور بالسيل الذي تظهر أسنانه بعد موته وهو يطفو فوق الماء. الرحمة بلا اجريمة: الرحمة التامة، وخصوصا للشخص الخالي من الذنوب والأوزار. سلطانة لريام :هي الحبيبة التي يعتبرها المحبوب سلطانة على كل قريناتها ولو كنا جميلات كالغزلان. سلطانة الغوالي : اسم آخر للحبيبة،والغوالي هنا يعني غلاء السوم، ومنه جاءت التسمية المغربية للمرأة ب لالة اغوالي ولالة الغالية، وتوكت البيا : عمق الأعماق ،وهذا الاسم هو الذي حمله نوع من العطر الغالي في الثقافة العربية بشكل عام، وخاصة في العصر العباسي. المقيوس : في اللغة الدارجة المغربية هو الذي به مس من الجن أو مرض عضال كالحب. النجال : العيون السود،ويطلق كذلك على الليل، وعلى حلكة الظلمة . القوام : القوم ويقصد به هنا الحراز. المكتوب :الجيب. الخلار: الحبيبة. كيدوب اخيالي : (الخيال )كما أشرنا سابقا يطلق على ذات الشخص. يتقمص فيه البطل شخصية الحكيم الطبيب الذي يبحث عنه الزوج من أجل معالجة زوجته المريضة، لتشهد عقدة المنع المسلط انفراجها ثم نهايتها. الزمام :بالشدة على الزاي هو المقلمة التي توضع فيها الأقلام، وهي عبارة عن أسطوانة لوحية أو قصبية. بزز منو:بالرغم عنه العكلي : شتيمة من الشتائم التي يوصف بها الشخص، وفي الغالب تعتبر شتيمة عنصرية تنسب للأسود ذو الرأس الذي به شعر متجعد، وهو وصف عربي قديم للشعر المدور، وقد عثرت على هذا الوصف في معلقة امرئ القيس وهو يصف شعر رأس حبيبته، ووجدت بأن هذا الوصف من أرقى الأشكال التي وصل إليه فن الحلاقة المعاصر، والذي يطلق عليه ( البوكلي ) الشعرة الكثيفة المنعرجة وهي التي يصفها الشاعر بالشعر المتعثكل وفي هذا الصدد يقول امرؤ القيس في معلقته: وفرع يزين المتن أسود فاحــم أثيـث كـقنــو النخـلـة المتعثكــل. غدائره مستشجرات إلى العــلا تضل العقاص في مثنى ومرسل. زينة السمية :الحبيبة، وتسمى كذلك طلعت الثريا : وجه الثريا. لا تحراز : لا مانع يمنع من التواصل بين الحبيب وحبيبته. القسم الحادي عشر الحديث عن أهمية الذات الشاعرة وحماية شعره من النقاد والسارقين لمعانيه. وهو المشهد الذي يقدم فيه الناظم عادة نفسه، ويستغفر ربه، ويخاطب الشعراء غيره، ويواجه منافسيه بالهجاء، مبينا منزلته في مجال القول. وفي هذا السياق ستطفو مصطلحات نقدية في مجال قصيدة الملحون من جملتها: الهجاء -الزرب – الشحط – الفخر – وهذا ما يدخل الآن فيما يسمى بحقوق التأليف أو حقوق الإبداع . ثم توجيه التحية والسلام لباقي المبدعين الذين يعترف بأشعارهم في مجال الملحون. طرز الألفاظ :وصف العملية الإبداعية عند فنان الملحون بالتطريز والتوشية. هزام الجحود : هازم أعدائه الذين لا يعترفون بشاعريته. غزلي صافي مشنوع : يصف شعره بعملية النسج، ويصف نسيجه بالصافي والمعروف في مجال الإبداع بالجودة (مشنوع). السفالي: المنحط صرصر : صوت من أصوات الطيور الجارحة عندما ترسل صوتها استعدادا للانقضاض على الفريسة. المغاير : أوكار الطيور الجارحة ومنها البوم. طراشن السفرة : طيور المائدة. الأدبية في القصيدة: قصيدة فن الملحون المغربية
الأدبية يعتبر الأدب الشعبي شكل من أشكال الإبداع الوجداني والفكري، ويتميز بالغزارة في الانتاج، والتنوع في الوسائل والأدوات الشعرية، وبهذا تدخل قصيدة الملحون ضمن نوع الشعر المغنى في هذا الخضم الغزير من الأنواع الفنية، والملحون كباقي الأنواع الفنية الشعبية وجد نتيجة احتياجات مرحلية من حياة الأمة التي يعبر عن قضاياها، ونتيجة احتياج نفسي معين لها، وبهذا اعتبرها كثير من الدارسين ديوان المغاربة الذي ينتمي اليهم شاعر فن الملحون، ومن هذا المنطلق تتحدد الأدبية في شعر الملحون، وأهم الأشياء المكونة لأدبيته كما أراها شخصيا هي: أ - لغته العامية والتي تنتقل من العادية الى الصور الشعبية الرائعة المصورة لأشكال العلاقات بين المتداولين لها. ب - اعتماد توارثه على الشفاهية،فرغم اعتماد القصائد المبدعة حاليا على وسائل التدوين المتنوعة، ورغم اعتماد بعضها على الوسائل الشفوية في الوصول،فإن النصوص المدونة تصل وتبقى جامدة، في حين تصل الأخرى متطورة بتطور الأمكنة والأزمنة والبيئات والظروف المحيطة بها. ج- فن الملحون هو تعبير عن موقف شعبي عام. ح - تتجلى أدبية القصيدة الملحونية في كون رواسبها مستقرة في ضمير الجماعة. خ - التصاق القصيدة بالتنفيس الشعبي. د - الجمع بين التقليد وكثير من الصقل والحداثة. ر - القصيدة مصدر من مصادر المعرفة التاريخية بالمغرب . ز - تستخدم الصورة الفنية في القصيدة لتصعيد الإحساس بالموقف والدعوة لهدف معين بل ومحدد. س - الكلمة هي العمود الفقري في إنتاج الصورة الأدبية في فن الملحون المغربي. ش - اللغة في القصيدة كما في الأدب الشعبي انتقلت من النافع إلى الجميل، واللغة في القصيدة كما في الملحون هي اللغة العامية التي ساهمت في المحافظه على جوهر الأدب الشعبي بالمغرب.
خاتمة:
وهكذا ونحن نستعرض مجموعة من المكونات الفنية في قصيدة الحراز للشيخ الجيلالي امثيرد فإننا نستعرض كثيرا من الأشكال الحضارية والتاريخية بل والاجتماعية والنفسية واللغوية التي تكون فسيفساء الوجود بالمجتمع المغربي، فساهم الشيخ الفنان في تحويل عمله الإبداعي إلى مرصد جميل لكثير من هذه المكونات التي تحتاج إلى تحرك مجموعة من الإجراءات التحليلية لرصدها واكتشاف كنهها ثم إظهار دورها في الحفاظ على هذا الإرث التاريخي والحضاري في المجتمع المغربي، وهذا ما جعلها مصدرا أساسيا للتعبير الفني المعاصر، فكانت مثلا مصدرا أساسيا للتعبير المسرحي الرائع سواء في المغرب كما هو الشأن في مسرح فرقة الوفاء المراكشية على يد المرحوم المخرج عبد السلام الشرايبي، وغيره من المخرجين المغاربة أو في مسرح الناس على يد المرحوم الطيب الصديقي، بل وصل الاستلهام من هذا الشكل حتى إلى جيراننا الجزائريين الذي اقتبسوا من حراز الشيخ واجو كما هو الشأن في مجال الغناء عند المغني القروابي، واستلهموا في مجال المسرح حراز عويشة كما هو الشأن عند المؤلف محمد شرشال والمخرجة الجزائرية فوزية أيت الحاج، وقد كتبت باستفاضة عن هذه العملية في مقدمة كتابي مسرحية ليلة حراز الريم. وسيبقى الحراز مصدرا لرصد التاريخ والحضارة والفن في هذا البلد الموحد في تعدد أشكال وأنماط ثقافته الشعبية، ومصدرا لا ينضب معينه للدارسين والموثقين على السواء في كل أشكال الانتاج الإنساني على هذه الأرض التي تستحق كل عناية واهتمام.
تجليات الثقافة الشعبية في أدب الملحون قصيدة الحراز للشيخ الجيلالي امثيرد نموذجا. (الجزء2) - الدكتور عبد الله المعاوي